تشارك الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب الدول العربية خلال الفترة 4 -10 مايو من كل عام الاحتفال بأسبوع المرور العربي والذي يمثل مناسبة على قدر عال من الأهمية، من الواجب إستغلالها للتذكير بأهمية إحترام وتطبيق قواعد المرور، وتنمية شعور المواطن العربي بمسؤوليته المشتركة جنباً الى جنب مع أجهزة المرور العربية في تحقيق السلامة المرورية، وضرورة العمل على إشراك كافة شرائح المجتمع المدني بالجهود التي تبذلها الجهات المختصة للتوعية بمخاطر حوادث الطرق، والعمل على تفادي نتائجها المتمثلة بالمآسي الكبيرة التي تتعرض لها البشرية نتيجة لتلك الحوادث، والتي باتت ضحاياها تفوق أعداد الضحايا التي تخلفها الأوبئة والحروب والكوارث، إضافة الى الخسائر في الموارد المادية، وما يترتب على ذلك من آثار إجتماعية ونفسية.
وفي هذا العام يأتي الاحتفال بأسبوع المرور العربي تحت شعار “قواعد المرور سلوك حضاري”، وحتى يتحقق السلوك الحضاري المنشود لابد من إحترام الإشارات المرورية، وقواعد وضوابط المرور التي تُنظم حركة السير والمركبات والمشاة، ولابد من الاستمرار في عملية التوعية لجميع مستخدمي الطريق (سائقين، راكبين، أو راجلين)، والتذكير بأهمية الالتزام بقواعد المرور وأخلاقيات القيادة والسير، والتقيد بتطبيق القوانين والقواعد والأنظمة المرورية وعدم التجاوز عليها، إضافة إلى تجنب السلوكيات الخاطئة المتمثلة بالإهمال والتقصير وعدم ربط أحزمة الأمان، والتي تساهم بشكل فعال في تخفيض خطورة الاصابات التي يتعرض لها ركاب السيارات، وكذلك عدم الانتباه، والابتعاد عن أهم مايسبب الحوادث المرورية في عصرنا وخاصة بين فئات الشباب، وهو التحدث بالهواتف المحمولة أثناء القيادة، والتي أصبحت مصدراً يبعث على القلق لكونها ظاهرة ملحوظة عند فئات الشباب والمراهقين أثناء القيادة.
وفي هذا السياق تشير البيانات والإحصائيات لمنظمة الصحة العالمية إلى أن حوادث السير تتسبب سنوياً في إزهاق أرواح نحو (1.3) مليون شخص، وتلحق إصابات بليغة يتراوح عددها ما بين (20 – 50) مليون شخص آخر، الكثير منهم يصل بهم الأمر إلى العجز الكامل، إضافة إلى الخسائر الاقتصادية الفادحة للأفراد والبلدان بأسرها.
وليس العالم العربي بمنأى عن هذه المعضلة الوخيمة، فقد تضمنت النشرة الإحصائية السنوية لحوادث المرور المسجلة في الدول العربية لعام 2021م، التي تم إعدادها في ضوء إجابات تسع دول فقط أن عدد حوادث المرور بلغ (413079) حادثاً مرورياً، أي بمعدل (2395) حادثاً لكل (100,000) مركبة، وقد تسببت هذه الحوادث في سقوط (7990) قتيلاً أي بمعدل (63) وفاة لكل مليون ساكن، و(66794) جريحاً بمعدل (531) إصابة لكل مليون ساكن.
وفيما يخص تفصيل الأسباب المباشرة للحوادث كان النصيب الأكبر لأخطاء العنصر البشري بنسبة (92.2%)، يليها عيوب في الطرق العامة (1.16%)، ثم الخلل في المركبات بنسبة (1.03%)، والظروف الجوية بنسبة (0.68%)، فيما شكلت الأسباب الأخرى (4.91%).
إن هذه المعطيات تشكل أرقاماً مهولة لابد من الوقوف عندها، إنطلاقاً من المسؤولية الكبيرة التي تُحتم إعادة النظر في كافة الاستراتيجيات والخطط والبرامج، لضمان تحقيق السلامة المرورية، ووقف تداعيات الحوادث وحفظ الأرواح والممتلكات العامة والخاصة.
ومافتئ مجلس وزراء الداخلية العرب يولي موضوع السلامة المرورية أهمية بالغة، حيث قام بوضع إستراتيجيات وخطط لمواجهة معضلة حوادث المرور وما يترتب عليها من آثار مأساوية، ومنها الإستراتيجية العربية للسلامة المرورية وخططها المرحلية، والتي كان آخرها الخطة المرحلية السابعة التي إعتمدها في دورته الثامنة والثلاثين، كما يعقد المجلس مؤتمراً عربياً دورياً لرؤساء أجهزة المرور لمناقشة معضلة المرور العربي وأسبابها وتداعياتها والخروج بتوصيات تضع الحلول الناجعة لها.
إن تحقيق السلامة المرورية بحاجة دائماً إلى بذل أقصى الجهود من قبل الشركاء، كون تحقيقها ينعكس إيجابياً على المجتمع العربي من خلال زيادة مساحة الوعي المروري لعموم شرائح المجتمع، وأن يكون فهمنا بأن مهارة سائق المركبة تقاس على أساس مدى تلافيه وتداركه للأخطاء المرورية، وعلى مدى اتخاذه القرار السريع والمناسب بعيداً عن التهور في القيادة والوقوع بالخطأ المروري.
إن الواجب الإنساني والوطني لعموم بلداننا العربية يحتم علينا أن نكون أمام قدر من المسؤولية تجاه أطفالنا وأُسرنا، وأن نكون قدوة يحتذى بها في مجال الالتزام بآداب وقوانين وأنظمة وقواعد السير على الطرق واحترام إشارات المرورتحقيقاً للسلامة المرورية.